اخسأ عدو الله
حسين بن قاسم القطيش
الحمد لله قاصم الجبابرة، وكاسر القياصرة، ما من عدو لرسوله إلا قصمه وأهلكه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جعل الذل والصغار على من تنقص واستهزاء بنبيه، وأشهد أن محمدا عبد ورسوله تكفل الله بالدفاع عنه فقال إنا كفيناك المستهزئين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين نذروا حياتهم للدفاع عن خير البشرية.
أما بعد:
اخسأ عد والله فلن تعدو قدرك، لن تزداد إلا مهانة وحقارة وصغار، اخسأ يا من استهزءت برسول الله محمد- صلى الله عليه وسلم-، فإنك ترجم نفسك بالحجارة، وإنك جلبت على نفسك الويل والعداء من رب السماء، دهمك السيل ولك الويل، والله لو كنت أنت ومن معك من الكلاب تثيرون الأرض غبارا ما سقط الغبار إلا عليكم، وإن السماء تبقى هي السماء، وإن ضوء الشمس لن تحجبه الأيادي، لكنك أيها الكلب لن تضر إلا نفسك، ولن تجلب الويل إلا عليك وعلى دولة الحقيرة الصغيرة, فإن الله ناصر نبيه ومخزيك ومذلك في الدنيا والآخرة، وإننا سندافع عن نبينا بكل ما نستطيع.
هجوتَ محمدا فأجبتُ عنه *** وعند الله في ذاك الجزاء
أتهجوه ولست له بكفءٍ *** فشركما لخيركما الفداء
هجوت مباركا برّا حنيفا *** رسول الله شيمته الوفاء
فإن أبي ووالدتي وعرضي *** لعرض محمد منكم وقاء
إن الله ناصر نبيه، وإن الله كافيه وحاميه، ومؤيده ومظهر دينه، ومذل عدوه، وقاهر عدوه ومخزيه، فقد قال سبحانه:{إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}، فمن سب محمدا ينتظر البتر والقطع والقتل من الله القوي القهار، فكم لله من جنود في السموات والأرض، فمهما تخفيت يا عدو الله، ومهما عملت من حراسة مشددة، من رجال الأمن، والأمن القومي والسياسي، فإن الله منتقم لرسوله وإن الله لن يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء فكل ما في السموات والأرض جنود لله ينتقم الله بهم من يشاء وكيفما يشاء سبحانه.
نَبِحتْ شِرَارُ الخَلْقِ تَقْذِفُ بِالتُّهَمْ * * * لِتَعِيبَ مَنْ أَرْسَــى المَبادِئَ والقِيَـمْ
أيْنَ النُّباحُ وإن تَكاثَرَ أَهْلُـــهُ * * * مِنْ نَيْلِ بَدْرٍ قَدْ سَمـا فَـوْقَ القمـمْ
أو نََيْلِ نَجْمٍٍ ساطِعٍ يَهْدِي الـوَرَى * * * سَعِدَتْ بِـه وَبِنُورِهِ كُـلُّ الأُمـَـمْ
{إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}قال أهل السير نزلت هذه الآية في: الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، وعديّ بن قيس، والأسود بن عبد يغوث، والأسود بن المطلب، مرّوا رجلا رجلا على النبيّ -صلى الله عليه وسلم- ومعه جبرئيل، فإذا مرّ به رجل منهم قال جبرئيل: كيف تجد هذا؟ فيقول:
بئس عدوّ الله، فيقول جبرئيل: كفاكه، فأما الوليد بن المغيرة ، فتردّى، فتعلق سهم بردائه، فذهب يجلس فقطع أكحله فنزف فمات، وأما الأسود بن عبد يغوث، فأُتِي بغصن فيه شوك، فضرب به وجهه، فسالت حدقتاه على وجهه، فكان يقول: دعوت على محمد دعوة، ودعا عليّ دعوة، فاستجيب لي، واستجيب له، دعا عليّ أن أَعمَى فعميت: ودعوت عليه أن يكون وحيدا فريدا في أهل يثرب فكان كذلك، وأما العاص بن وائل، فوطئ على شوكة فتساقط لحمه عن عظامه حتى هلك، وأما الأسود بن المطلب وعديّ بن قيس، فإن أحدهما قام من الليل وهو ظمآن، فشرب ماء من جَرّة، فلم يزل يشرب حتى انفتق بطنه فمات، وأما الآخر فلدغته حية فمات[1].
إن الله لا يخلف وعده، وإن الله ليس بغافل عما يعمل الظالمون، فهو لهم بالمرصاد فها هو كبير القوم من بدأت البغضاء من فمه قد لفظته فنادق بلاده فلم يعودوا يطيقونه بينهم، فالخوف ملأ قلوبهم, وفنادقهم لم تعد آمنة ما دام فيها، ونزلاءها لم يطيقوا الجلوس فيها، وهذا بدأية العذاب وأبشر يا عدو الله فالانتقام للرسول- صلى الله عليه وسلم- قادم، ولم ترى إلا الشيء القليل وإن الله قد تكفل بنصر نبيه ورسوله ممن استهزوء به ونالوا منه، وإنه سبحانه لهم بالمصراد.
إن الله تعالى قد عصمه من الناس وكفاه مع كثرة أعدائه وتحزبهم واجتماعهم على أذاه فقد قال الله -عز وجل-: {وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ},وقال تعالى: " {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا}, وقال: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ}, وقال:{إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}, وقال تعالى:{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}. روي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحرس حتى نزلت هذه الآية:
{وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} فأخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأسه من القبة، فقال لهم: " يأيها الناس انصرفوا فقد عصمني لله ربي -عز وجل- "[2] .
رسولَ الحُبِّ في ذكراك قُربى * * * وتحتَ لواكَ أطواقُ النجاةِ
عليك صلاةُ ربِّكَ ما تجلّى * * * ضياءٌ واعتلى صوتُ الهُداةِ
يحارُ اللفظُ في نجواكَ عجزاً * * * وفي القلب اتقادُ المورياتِ
ولو سُفكتْ دمانا ما قضينا * * * وفاءك والحقوقَ الواجباتِ
اخسأ عدو الله فإن الله ناصر نبيه، وإننا سننصر نبينا وسندافع عنه بكل قوانا، فإن رسول الله في قلوبنا، وإن محمداً في أرواحنا وأفئدتنا، إن حبه يجري في عروقنا، فهو نبي الرحمة، والإنسانية، نبي العدل والإحسان، زكى الله عقله وسمعه وبصره ولسانه وفؤاده، تمم الله به الأخلاق وهدى الناس إلى الصراط المستقيم، وشفى الله به العلل والأسقام، كشف الله به الغمة، وأزال عن الناس به الظلمة، فصلاة ربي وسلامه عليه.
بأبي أنت وأمي يا رسول الله يهجوك كلب لا يساوي نعلك الطاهرة، وقرد سفيه لا يعرف قدرك، وخنزير خبيث لعين، الخساسة والوقاحة ديدنه لا يعرف للأنبياء قدراً، ولا للمرسلين حسنا، بدأت البغضاء من فمه كبير المستهزءين وشيطانهم الكبير، وإبليسهم الحقير، نذل حقير سافل ساقط حمار لا يساوي حذاءه التي يلبسها أشميط علج جبان.
إلا حبيبي يَا عُلُوجَ الكَافِرِينْ * * * إلا نبيَّ اللهِ يَا عَبَدُ البَقَرْ
إلا الرَّسُولَ المُجْتَبَى ذاكَ الأَمِينْ * * * ذاكّ المُبَشِّرُ مِنْ مَلِيْكٍ مُقْتَدِرْ
تَصِفُونَهُ بِوَقَاحَةٍ يَا صَاغِرِينْ * * * وَبَشَاعَةٍ وَجَرَاءَةٍ .. وَصْفٌ قَذِرْ
يَا رَاسِماً .. شَلَّ الإلَهُ لَكَ اليمينْ * * * وَيَمِيْنُ وَاضِعِهَا..وأَيْضاً مَنْ نَشَرْ
يَا مَنْ أَسَأْتُمْ ذَاكَ خّيْرُ العَالَمِينْ * * * ذَاكّ الذي فَلَقَ الإلهُ لَهُ القَمَرْ
اللهم انصر نبيك وانتقم له من أعدائه يا قوي يا متين، اللهم اجعلنا ممن ينصره ويدافع عنه، اللهم سخرنا في نصرة نبيك وحبيبك محمد - صلى الله عليه وسلم-. اللهم آمين .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
------------------------------------
[1] - تفسير الطبري(17/157).
[2] - سنن الترمذي
.......منقول.......
أختكم:نسيبة المازنية